فن اقتناص الفرص.. الصناديق السيادية الخليجية تحول الأزمات لعوائد إيجابية

نجحت الأسواق المالية في دول مجلس التعاون الخليجي وصناديق الثروة السيادية النشطة بالمنطقة، في تحويل الأزمات إلى فرص، حيث برزت الأسواق المالية تلك باعتبارها الأكثر استقراراً ومرونة في مواجهة الأزمات العالمية، كما عكست، على مدى 20 عاماً، استقراراً مشابهاً لأصول الملاذ الآمن التقليدية، مثل السندات الأميركية، وفق ما جاء في تقرير حديث لصندوق النقد الدولي.

بينما نقلت «بلومبرج» عن تقرير لمنصة تتبع صناديق الثروة السيادية «غلوبال SWF»، أن 5 صناديق رئيسية من أبوظبي وقطر والسعودية استثمرت ما مجموعه 82 مليار دولار العام الماضي، ما يمثل أكثر من 60% من إجمالي استثمارات صناديق الثروة السيادية حول العالم.

ووفق التقرير، فإن هذه الصناديق تحتل بانتظام المراكز العشرة الأولى بين أكبر المستثمرين السياديين عالمياً. وتوجه صناديق الثروة الخليجية استثماراتها بشكل متزايد نحو تحقيق مصالح وطنية وأهداف سياسية أوسع، إلا أن تحقيق العوائد المالية يظل أولوية. وتشمل هذه الأولويات تعزيز الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، وتوسيع البنية التحتية الرقمية، ودعم صناعة أشباه الموصلات الإقليمية.

فيما ركز تقرير صندوق النقد، على تحليل تأثير أحداث العزوف عن المخاطر العالمية، وقفزات أسعار النفط على عوائد السندات والأسهم الخليجية خلال الفترة من يناير 2004 وحتى أبريل 2024، وأشار إلى أنه بالنسبة إلى عوائد السندات النسبية، كانت الاستجابة للأزمات العالمية مستقرة بشكل كبير، في معظم دول الخليج، مثل: البحرين، وعُمان، وقطر، والكويت، ولم تتأثر عوائد السندات بشكل كبير خلال فترات العزوف عن المخاطر، مما يعكس استقراراً نسبياً.

أما الأسهم الخليجية، فقد تفوقت على نظيراتها العالمية خلال فترات العزوف عن المخاطر، محققة عائدات إيجابية تراوحت بين 1% و2% في معظم الدول. وعندما تزامنت هذه الفترات مع قفزات في أسعار النفط، شهدت العائدات ارتفاعاً أكبر، حيث تجاوزت 2% إلى 3% في السعودية والإمارات، ما يبرز قدرة الأسواق الخليجية على تحويل الأزمات إلى فرص استثمارية، ويعزز مكانتها كوجهة استثمارية جذابة.

وأشار صندوق النقد الدولي إلى أن المرونة الملحوظة للأسواق المالية الخليجية، تأتي مدفوعة بعوامل عدة، منها انخفاض حجم التداول مقارنة بالأسواق العالمية، ما يقلل من التقلبات. إضافة إلى ذلك، يلعب الاعتماد الكبير على المستثمرين المحليين، مثل صناديق الثروة السيادية، دوراً رئيساً في تعزيز الاستقرار، فيما تسهم السياسات الاقتصادية الكلية والجيوسياسية المستقرة في المنطقة في دعم الأسواق.

وأوصى صندوق النقد الدولي صانعي السياسات في دول الخليج بضرورة الاستمرار في تنفيذ تدابير سياسية حكيمة ضمن أطر مؤسسية متينة، ما يساعد بتعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي الكلي، خاصة في ظل زيادة الاكتتابات العامة الأولية والتكامل المتزايد مع أسواق السندات العالمية.

وشهدت أسواق السندات الخليجية تدفقات نقدية خارجة بلغت 1.4 مليار دولار في الفترة من يناير إلى أغسطس 2024، ومع ذلك، ظلت الفروق السيادية مستقرة بشكل عام منذ أوائل عام 2023، باستثناء انخفاضات ملحوظة في البحرين وعمان بمقدار 50 و90 نقطة أساس على التوالي، بحسب التقرير. كما لجأت دول الخليج خلال العام الجاري إلى أسواق السندات الدولية كجزء من استراتيجيتها لتنويع مصادر التمويل.

من بين الإصدارات البارزة، أصدرت السعودية سندات سيادية بقيمة 17 مليار دولار، وهي الأكبر بين الأسواق الناشئة. كما شملت الإصدارات الأخرى 9.6 مليار دولار من «صندوق الاستثمارات العامة» السعودي، و9 مليارات دولار من «أرامكو السعودية»، و2 مليار دولار من البحرين، و5 مليارات دولار من أبوظبي، و2.5 مليار دولار من شركة «أبوظبي التنموية القابضة» (ADQ)، إضافة إلى إصدار قطر لأول سندات خضراء بقيمة 2.5 مليار دولار.

ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *